بسم الله الرحمن الرحيم
الأمن والإيمان
خطبة عيد الأضحى عام 1430هـ المصلى العام بالمكلا
لشيخنا العلامة أحمد بن حسن المعلم
الخطبة الأولى
1ـ التكبير تسعاً.
2ـ الله اكبر كلما هوت القلوب إلى البيت العتيق الله اكبر كلما توافدت إليه الجموع من كل فج عميق الله اكبر كلما صرخ الحجيج بشعار التوحيد و التصديق الله اكبر.......الخ
3ـ الحمد الله الذي حكم أن الأمن مرتبط بالإيمان و إن الخوف و الجوع جزاء أهل الظلم و العصيان.
والصلاة و السلام على نبينا محمد الذي قرر أن مقومات الحياة السعيدة توفر الأمن للأوطان و الصحة للأبدان وكفاف المعيشة بالسلامة من الفقر و الحرمان
صلى الله عليه وعلى آله أهل الحرم وجيرانه وصحابته الداعين إلى طاعة ربهم ورضوانه و التابعين لهم بإحسان إلى يوم القيامة ( تكبير )
عباد الله : إنكم في يوم جمع فضيلتين وحاز شرفين عظيمين انه يوم الأضحى يوم الحج الأكبر وهو كذلك يوم الجمعة وقد مدحه الرسول صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه من كلا الجهتين فقال صلى الله عليه وسلم ( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ) رواه احمد وأبو داود والحاكم وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة) رواه مسلم
فيوم جمع الله فيه هذا الفضل العظيم جدير أن نقدره حق قدره ونري الله من أنفسنا فيه خيراً بالإكثار من طاعته وتجنب معصيته.
عباد الله :إن العيد في الإسلام هي رمز للصفاء الروحي والسمو الأخلاقي ، العيد وقفة مع الذات وعودةٌ إلى الأصل عودة إلى ما يجب أن يكون عليه المسلمون من حبٍ ووفاء من برٍ وصلة وإحسان فيه توصل الأرحام ويبر الوالدان وتزال الضغائن وتنسى العدوات إنها فرحة حقيقة و الفرحة لا تحل صدر مليئاً بالأحقاد ولا تسكن قلباً يقطعه الحسد و تلتهب فيه نار العداوات فليكن عيدنا مزيلاً لتلك الأمراض جميعها ومن أجل أن يكون العيد كذلك شرعة لنا فيه الأضحية لنطعم الفقير ونهدي للجار ونصل الرحم ونعالج أنفسنا من داء البخل و الأنانية فلنضحي على بركة الله بشيئ يسير من أموالنا أقتداءً بإبراهيم الذي ضحى بابنه وهم أم يذبح فلذة كبده وثمرة فؤاده .
( تكبير )
عباد الله: إن للأمن و الاستقرار أهمية بالغة في حياة الشعوب تتباها الدول بتوفره و تفخر باستتبابه وتنهض الأمم في ظله وتبنى الحضارات على قاعدته وبه تدور عجلة التنمية وتزدهر التجارة و الصناعة و الزراعة و ينتشر العلم و يعم الرخاء و الرفاهية وعند فقد الأمن والاستقرار يتبدل الحال وتؤذن الحضارات بالزوال و الدول بالاضمحلال و الشعوب بالتخلف و الإقلال
لذى فإن الله امتن على أهل حرمه وجيران بيته بذلك فقال: ( أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون )
وقال سبحانه:( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )
وفي المقابل جعل من العقوبات التي يعاقب بها المعرضين عن شرعة و المكذبين لرسله إلباسهم لباس الخوف و الجوع ،
قال تعالى : ( وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون )
وقال تعالى :( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس) ومن الفساد المقصود هنا انتشار الخوف وانعدام الأمن .
وما دام الأمر كذلك فإن ما تشهده البلاد في طولها وعرضها هذه الأيام من حرب مدمرة في صعدة وبعض المحافظات المجاورة لها أثارها الحوثيون الرافضة فأزهقت الأرواح وأسالت الدماء وأهلكت الحرث و النسل وشردت الآلاف من الأسر وما يحصل في بعض المحافظات الأخرى من صدامات مسلحة تزهق فيها الأرواح وتسيل الدماء وتتلف الممتلكات ويروع من اجلها الآمنون ، وما يحصل من تقطعات على الطرق العامة واغتيالات لأغراض مختلفة , وما كثر الحديث عنه من تهريبٍ للمخدرات وغيرها كل ذلك أمر مقلق وظواهر مؤسفة ونذر شر مستطير إن لم تُـتَدارك ويعمل المخلصون جميعاً لوقفها وإزالتها وتخليص العباد و البلاد منها .
ولا بد لذلك من معالجات جادة وسريعة ومستمرة تتخذ منهجاً وترسخ ثقافة للجميع من أهمها مايلي:ـ
أولاً ـ تربيه الناس على الأيمان بربطهم بخالقهم سبحانه وتعليمهم مراقبته وتخويفهم من عذابه فمتى قوى الأيمان واستحكمت التقوى عم الأمن وكثر الخير وزال الشر
قال تعالى :( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) وإن جميع ما يحدث من نهب وسرقه وقتل وغير ذلك من أختلالات سببها ضعف الإيمان قال صلى الله عليه وسلم (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبه ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن ) رواه البخاري ومسلم
فالالتفات إلى نشر الإيمان وتعميقه في النفوس أقوى أثرا من كل الرسائل الأخرى وإن كان لابد من تلك الوسائل المشروعة ، و الإيمان ذاته لا يثبت إلا على قاعدة المحبة و السلام قال صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فلعتوه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم .
ثانياً - تحكيم شرع الله وهذا من الناحية النظرية موجود ولكن العلة في التطبيق فيجب أن تطبق القوانين تطبيقا حازما وصارما وشاملا تطبيقا يعم الكبير والصغير والغني والفقير لا يعطلها رشوه ولا يقف في وجهها محسوبية ولا يتدخل فيها متنفذون بل يعطى القضاء استقلاله الكامل ظاهرا وباطنا بعد أن يصلح ويطهر من الفساد الذي ينخر فيه ويؤكد على الإسراع في حل قضايا الناس سرعه مع النزاهة والعدل فما جر الكثير من الناس إلى التفكير في أخذ حقوقهم بأيديهم إلا فساد أجهزه القضاء وتباطؤها في حل القضايا والبعض الآخر تجرا على العدوان لأنه آمن جانب القضاء حين علم أن له وسائله التي تنجيه من طائلة القانون وتسلمه من يد العدالة وتعطيه حصانه من أن يؤخذ منه الحق (تكبير )
ثالثاً : إقامة الحدود والتعازير الشرعية بعد ثبوت موجبها ثبوتاً شرعياً
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( حد يعمل في الأرض خير لأهلها من أن يمطر أربعين صباحا ) رواه النسائي وابن ماجه
هذا هو الحل الشرعي وأما سياسة الاسترضاء ومفاوضة السرق وقطاع الطريق و المختطفين فأنها سياسة خاطئة ومشجعة على تلك الأعمال وليست حاسمة لها .
و وضع الندى في موضع السيف بالعلى *** مضرٌ كوضع السيف في موضع الندى
رابعاً - ترسيخ العدل ، العدل الكامل الشامل العدل في كل شي وللجميع عدل في النظرة إلى الناس و الموقف منهم وعدل في توزيع المشروعات و الثروات وعدل في التوظيف وفي الخدمات عدل تلتزم به القيادة وتؤسس عليه الأجهزة وتربى عليه الأمة فبالعدل قامت السموات و الأرض وبه سمى الله نفسه وأمر به عباده فقال :( أن الله يأمر بالعدل و الإحسان وِإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون )
يقول الماوردي رحمه الله :( أن مما يصلح به حال الدنيا قاعدة العدل الشامل الذي يدعوا إلى الألفة و يبعث على الطاعة وتعمر به البلاد وتنموا به الأموال ويكبر معه النسل و يأمن به السلطان، وليس شيء أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور لأنه ليس يقف على حد ولا ينتهي إلى غاية ولكل جزء منه قسط من الفساد حتى يستكمل)
ولما طلب احد عمال عمر بن عبد العزيز أن يرسل عمر مالاً يرمم به أسوار مدينته خوفاً من اقتحام العدو ، رد عليه قائلاً: حصنها بالعدل ونق طرقها من الظلم فإنه مرمتها و السلام. ( تكبير)
خامساً ـ إصلاح أجهزة الضبط من أجهزة أمنية مختلفة وسلاح حدود وخفر سواحل ومن يتعامل من الجيش مع المواطنين في الطرق وغيرها هذه الأجهزة يجب أن تصلح ويربى قادتها وأفرادها على النزاهة و الإخلاص والولاء التام لله ثم للوطن و القيادة ومصالح البلاد العليا لا أن يكون هم كل واحدٍ منهم بناء نفسه وحماية مصالحة واستخدام نفوذه لما يمليه هواه فان البلد بأسره بأرضه وإنسانه أمانه في أعناق هؤلاء بصلاحهم يعز ويقوى وبفسادهم يذل وينهار.
سادساً ـ تفقد أحوال المواطنين وتلمس همومهم و معاناتهم فالحالة المعيشة الصعبة وغلاء الأسعار وانتشار البطالة وغير ذلك من الصعاب كلها تساعد على عدم الاستقرار وتشجع الجريمة وتذهب الأمن و الطمانيئة فعلى المسؤلين كلا في ما يخصه أن يراعوا ذلك وان يعملوا على إصلاح السياسات ووضع المعالجات و مكافحة الفساد وإهدار الأموال في غير طرقها الصحيحة ويبادروا إلى توجيه إمكانيات البلاد إلى خدمة المواطن وتعزيز التنمية بدلا من إهدارها فيما لا فائدة فيه أو تركها نهباً للفاسدين وغنيمة للمتنفذين قال الرسول صلى الله عليه وسلم :(اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم اللهم فأرفق به ومن ولي من أمرهم شيئاً فشق عليهم اللهم فاشقق عليه ) رواه مسلم
(تكبير) أقول قولي هذا واستغفر الله فستغفره انه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
التكبير سبعاً( تكبير)
الحمد و الثناء ( تكبير)
عباد الله تلك هي بعض المعالجات التي أخاطب بها السلطة وأعود الآن إلى خطابكم و أخاطب نفسي معكم .
علينا جميعاً معشر المواطنين أن نعلم إننا وان كنا أصحاب الحق الكامل والفائدة الأولى في تثبيت الأمن و الاستقرار وأزاله الخوف وأسبابه فإننا كذلك نحن أو قطاع كبير منا جزء من المشكلة فمن أوساطنا غالباً يأتي السرق ومن أوساطنا يخرج قطاع الطريق ومن أوساطنا يظهر المهربون وبسبب ضعاف النفوس منا وتجار الفساد يفسد من يفسد من المسؤولين ويظلم من يظلم من القضاة وغيرهم لذلك كانت اللعنة على الراشي و المرتشي و الرائش بينهما لذلك يجب أن يقوم كل طرف بواجبة ولا يرمي اللوم كله على الطرف الآخر والله تعالى يقول:( وتعانوا على البر و التقوى ولا تعاونوا على الإثم و العدوان ) فيجب أن نعين الدولة على أداء واجبها بتحمل واجباتنا ومسئوليتنا نحن وعلينا أن نتربى على ذلك ونربي عليه أبناءنا ومن تحت أيدينا .
ولو كف كل مواطن شره وقام بواجبة وربى من تحت يده على ذلك لانتهت معظم تلك المشاكل يروى أن محمد بن سيرين رحمه الله ادخل السجن من اجل دين لزمه فجاءه السجان فقال إنني مستعد أن أطلقك بالليل على أن ترجع إلى السجن في النهار فقال له الإمام اذهب عني أتريدني أعينك على خياته الخليفة ؟ ولو كان كل مواطن كهذا لما وجد المفسدون من الشرط و القضاة وسائر المسؤلين. ( تكبير)
و على المعارضة في البلاد أيا كانت أن تتقي الله في خطابها وفي تعاملها مع الأوضاع والأحداث وأن تتذكر أن دورها هو التصحيح وليس الفضيحة و البناء وليس تتبع العثرات والتعاون وليس الشماتة
وان ما يظنونه من حصول مكاسب من أظهار أخطاء الحاكم وتضخيمها هو في الواقع خسارة على الطرفين وعلى الوطن و المواطن لأنه يزرع اليأس في النفوس و اليأس يدفع إلى الانتحار ويدفع إلى الانتقام يدفع إلى فقدان الأتزان وبالتالي فإننا نصنع من ذلك مشاكل مضاعفه ولو أنهم أخذوا بمبدأ ( الدين النصيحة ) على وجهه لصلح الحال وكتب الله لهم القبول وحصلوا على المكاسب الحقيقية وفي نفس الوقت أنصح الحاكم بنفس النصيحة وأحمله من المسؤلية أكبر مما أحمل المعارضة فليتقي الله الجميع ولا يضحوا بالوطن وأمنه وأستقراره من أجل المكايدات الحزبية والثارات السياسية
الحضور الكريم : من جميع الفئات سلطة ومعارضة ومواطنون إن اليمن مستهدف و قوى الشر تتربص به من كل جانب ، منهم من يبطن أطماعه فيه ومنهم يجاهر بها وها هو المشروع الفارسي الرافضي ماثلٌ للعيان و إن أطماع آيات قم وأحفاد أبي لؤلؤة المجوسي لم تعد خافية على أحد ودعمهم السخي و المستمر للمتمردين ما عاد يخفى على ذي بصيرة و المقصود من ذلك كله هو ترسيخ قدم المشروع الرافضي في المنطقة و الذي ما زال يحن إليه سدنته منذُ أكثر من ألف عام فلا تشغلنا همومنا الخاصة ولا مشاريعنا الجزئية ولا مكايداتنا السياسية عن ذلك فأنه خطر داهم للجميع ومستهدفٌ للجميع وإننا نقف جميع في خندق واحد و على متن سفينة واحد هي سفينة الوطن فمتى سمحنا للقراصنة أن يصعدوا على متنها فأنهم سوف يغرقونها ويغرقوننا معها ولن يفرقوا بين حاكماً ومعارض و لا مواطن فلنصدق في نصحنا بالله و لرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
أسأل الله أن يأخذ بنواصي الجميع لما فيه الخير والصلاح إنه سميع مجيب .
الدعاء .
الأمن والإيمان
خطبة عيد الأضحى عام 1430هـ المصلى العام بالمكلا
لشيخنا العلامة أحمد بن حسن المعلم
الخطبة الأولى
1ـ التكبير تسعاً.
2ـ الله اكبر كلما هوت القلوب إلى البيت العتيق الله اكبر كلما توافدت إليه الجموع من كل فج عميق الله اكبر كلما صرخ الحجيج بشعار التوحيد و التصديق الله اكبر.......الخ
3ـ الحمد الله الذي حكم أن الأمن مرتبط بالإيمان و إن الخوف و الجوع جزاء أهل الظلم و العصيان.
والصلاة و السلام على نبينا محمد الذي قرر أن مقومات الحياة السعيدة توفر الأمن للأوطان و الصحة للأبدان وكفاف المعيشة بالسلامة من الفقر و الحرمان
صلى الله عليه وعلى آله أهل الحرم وجيرانه وصحابته الداعين إلى طاعة ربهم ورضوانه و التابعين لهم بإحسان إلى يوم القيامة ( تكبير )
عباد الله : إنكم في يوم جمع فضيلتين وحاز شرفين عظيمين انه يوم الأضحى يوم الحج الأكبر وهو كذلك يوم الجمعة وقد مدحه الرسول صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه من كلا الجهتين فقال صلى الله عليه وسلم ( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ) رواه احمد وأبو داود والحاكم وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة) رواه مسلم
فيوم جمع الله فيه هذا الفضل العظيم جدير أن نقدره حق قدره ونري الله من أنفسنا فيه خيراً بالإكثار من طاعته وتجنب معصيته.
عباد الله :إن العيد في الإسلام هي رمز للصفاء الروحي والسمو الأخلاقي ، العيد وقفة مع الذات وعودةٌ إلى الأصل عودة إلى ما يجب أن يكون عليه المسلمون من حبٍ ووفاء من برٍ وصلة وإحسان فيه توصل الأرحام ويبر الوالدان وتزال الضغائن وتنسى العدوات إنها فرحة حقيقة و الفرحة لا تحل صدر مليئاً بالأحقاد ولا تسكن قلباً يقطعه الحسد و تلتهب فيه نار العداوات فليكن عيدنا مزيلاً لتلك الأمراض جميعها ومن أجل أن يكون العيد كذلك شرعة لنا فيه الأضحية لنطعم الفقير ونهدي للجار ونصل الرحم ونعالج أنفسنا من داء البخل و الأنانية فلنضحي على بركة الله بشيئ يسير من أموالنا أقتداءً بإبراهيم الذي ضحى بابنه وهم أم يذبح فلذة كبده وثمرة فؤاده .
( تكبير )
عباد الله: إن للأمن و الاستقرار أهمية بالغة في حياة الشعوب تتباها الدول بتوفره و تفخر باستتبابه وتنهض الأمم في ظله وتبنى الحضارات على قاعدته وبه تدور عجلة التنمية وتزدهر التجارة و الصناعة و الزراعة و ينتشر العلم و يعم الرخاء و الرفاهية وعند فقد الأمن والاستقرار يتبدل الحال وتؤذن الحضارات بالزوال و الدول بالاضمحلال و الشعوب بالتخلف و الإقلال
لذى فإن الله امتن على أهل حرمه وجيران بيته بذلك فقال: ( أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون )
وقال سبحانه:( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )
وفي المقابل جعل من العقوبات التي يعاقب بها المعرضين عن شرعة و المكذبين لرسله إلباسهم لباس الخوف و الجوع ،
قال تعالى : ( وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون )
وقال تعالى :( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس) ومن الفساد المقصود هنا انتشار الخوف وانعدام الأمن .
وما دام الأمر كذلك فإن ما تشهده البلاد في طولها وعرضها هذه الأيام من حرب مدمرة في صعدة وبعض المحافظات المجاورة لها أثارها الحوثيون الرافضة فأزهقت الأرواح وأسالت الدماء وأهلكت الحرث و النسل وشردت الآلاف من الأسر وما يحصل في بعض المحافظات الأخرى من صدامات مسلحة تزهق فيها الأرواح وتسيل الدماء وتتلف الممتلكات ويروع من اجلها الآمنون ، وما يحصل من تقطعات على الطرق العامة واغتيالات لأغراض مختلفة , وما كثر الحديث عنه من تهريبٍ للمخدرات وغيرها كل ذلك أمر مقلق وظواهر مؤسفة ونذر شر مستطير إن لم تُـتَدارك ويعمل المخلصون جميعاً لوقفها وإزالتها وتخليص العباد و البلاد منها .
ولا بد لذلك من معالجات جادة وسريعة ومستمرة تتخذ منهجاً وترسخ ثقافة للجميع من أهمها مايلي:ـ
أولاً ـ تربيه الناس على الأيمان بربطهم بخالقهم سبحانه وتعليمهم مراقبته وتخويفهم من عذابه فمتى قوى الأيمان واستحكمت التقوى عم الأمن وكثر الخير وزال الشر
قال تعالى :( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) وإن جميع ما يحدث من نهب وسرقه وقتل وغير ذلك من أختلالات سببها ضعف الإيمان قال صلى الله عليه وسلم (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبه ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن ) رواه البخاري ومسلم
فالالتفات إلى نشر الإيمان وتعميقه في النفوس أقوى أثرا من كل الرسائل الأخرى وإن كان لابد من تلك الوسائل المشروعة ، و الإيمان ذاته لا يثبت إلا على قاعدة المحبة و السلام قال صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فلعتوه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم .
ثانياً - تحكيم شرع الله وهذا من الناحية النظرية موجود ولكن العلة في التطبيق فيجب أن تطبق القوانين تطبيقا حازما وصارما وشاملا تطبيقا يعم الكبير والصغير والغني والفقير لا يعطلها رشوه ولا يقف في وجهها محسوبية ولا يتدخل فيها متنفذون بل يعطى القضاء استقلاله الكامل ظاهرا وباطنا بعد أن يصلح ويطهر من الفساد الذي ينخر فيه ويؤكد على الإسراع في حل قضايا الناس سرعه مع النزاهة والعدل فما جر الكثير من الناس إلى التفكير في أخذ حقوقهم بأيديهم إلا فساد أجهزه القضاء وتباطؤها في حل القضايا والبعض الآخر تجرا على العدوان لأنه آمن جانب القضاء حين علم أن له وسائله التي تنجيه من طائلة القانون وتسلمه من يد العدالة وتعطيه حصانه من أن يؤخذ منه الحق (تكبير )
ثالثاً : إقامة الحدود والتعازير الشرعية بعد ثبوت موجبها ثبوتاً شرعياً
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( حد يعمل في الأرض خير لأهلها من أن يمطر أربعين صباحا ) رواه النسائي وابن ماجه
هذا هو الحل الشرعي وأما سياسة الاسترضاء ومفاوضة السرق وقطاع الطريق و المختطفين فأنها سياسة خاطئة ومشجعة على تلك الأعمال وليست حاسمة لها .
و وضع الندى في موضع السيف بالعلى *** مضرٌ كوضع السيف في موضع الندى
رابعاً - ترسيخ العدل ، العدل الكامل الشامل العدل في كل شي وللجميع عدل في النظرة إلى الناس و الموقف منهم وعدل في توزيع المشروعات و الثروات وعدل في التوظيف وفي الخدمات عدل تلتزم به القيادة وتؤسس عليه الأجهزة وتربى عليه الأمة فبالعدل قامت السموات و الأرض وبه سمى الله نفسه وأمر به عباده فقال :( أن الله يأمر بالعدل و الإحسان وِإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تذكرون )
يقول الماوردي رحمه الله :( أن مما يصلح به حال الدنيا قاعدة العدل الشامل الذي يدعوا إلى الألفة و يبعث على الطاعة وتعمر به البلاد وتنموا به الأموال ويكبر معه النسل و يأمن به السلطان، وليس شيء أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور لأنه ليس يقف على حد ولا ينتهي إلى غاية ولكل جزء منه قسط من الفساد حتى يستكمل)
ولما طلب احد عمال عمر بن عبد العزيز أن يرسل عمر مالاً يرمم به أسوار مدينته خوفاً من اقتحام العدو ، رد عليه قائلاً: حصنها بالعدل ونق طرقها من الظلم فإنه مرمتها و السلام. ( تكبير)
خامساً ـ إصلاح أجهزة الضبط من أجهزة أمنية مختلفة وسلاح حدود وخفر سواحل ومن يتعامل من الجيش مع المواطنين في الطرق وغيرها هذه الأجهزة يجب أن تصلح ويربى قادتها وأفرادها على النزاهة و الإخلاص والولاء التام لله ثم للوطن و القيادة ومصالح البلاد العليا لا أن يكون هم كل واحدٍ منهم بناء نفسه وحماية مصالحة واستخدام نفوذه لما يمليه هواه فان البلد بأسره بأرضه وإنسانه أمانه في أعناق هؤلاء بصلاحهم يعز ويقوى وبفسادهم يذل وينهار.
سادساً ـ تفقد أحوال المواطنين وتلمس همومهم و معاناتهم فالحالة المعيشة الصعبة وغلاء الأسعار وانتشار البطالة وغير ذلك من الصعاب كلها تساعد على عدم الاستقرار وتشجع الجريمة وتذهب الأمن و الطمانيئة فعلى المسؤلين كلا في ما يخصه أن يراعوا ذلك وان يعملوا على إصلاح السياسات ووضع المعالجات و مكافحة الفساد وإهدار الأموال في غير طرقها الصحيحة ويبادروا إلى توجيه إمكانيات البلاد إلى خدمة المواطن وتعزيز التنمية بدلا من إهدارها فيما لا فائدة فيه أو تركها نهباً للفاسدين وغنيمة للمتنفذين قال الرسول صلى الله عليه وسلم :(اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم اللهم فأرفق به ومن ولي من أمرهم شيئاً فشق عليهم اللهم فاشقق عليه ) رواه مسلم
(تكبير) أقول قولي هذا واستغفر الله فستغفره انه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
التكبير سبعاً( تكبير)
الحمد و الثناء ( تكبير)
عباد الله تلك هي بعض المعالجات التي أخاطب بها السلطة وأعود الآن إلى خطابكم و أخاطب نفسي معكم .
علينا جميعاً معشر المواطنين أن نعلم إننا وان كنا أصحاب الحق الكامل والفائدة الأولى في تثبيت الأمن و الاستقرار وأزاله الخوف وأسبابه فإننا كذلك نحن أو قطاع كبير منا جزء من المشكلة فمن أوساطنا غالباً يأتي السرق ومن أوساطنا يخرج قطاع الطريق ومن أوساطنا يظهر المهربون وبسبب ضعاف النفوس منا وتجار الفساد يفسد من يفسد من المسؤولين ويظلم من يظلم من القضاة وغيرهم لذلك كانت اللعنة على الراشي و المرتشي و الرائش بينهما لذلك يجب أن يقوم كل طرف بواجبة ولا يرمي اللوم كله على الطرف الآخر والله تعالى يقول:( وتعانوا على البر و التقوى ولا تعاونوا على الإثم و العدوان ) فيجب أن نعين الدولة على أداء واجبها بتحمل واجباتنا ومسئوليتنا نحن وعلينا أن نتربى على ذلك ونربي عليه أبناءنا ومن تحت أيدينا .
ولو كف كل مواطن شره وقام بواجبة وربى من تحت يده على ذلك لانتهت معظم تلك المشاكل يروى أن محمد بن سيرين رحمه الله ادخل السجن من اجل دين لزمه فجاءه السجان فقال إنني مستعد أن أطلقك بالليل على أن ترجع إلى السجن في النهار فقال له الإمام اذهب عني أتريدني أعينك على خياته الخليفة ؟ ولو كان كل مواطن كهذا لما وجد المفسدون من الشرط و القضاة وسائر المسؤلين. ( تكبير)
و على المعارضة في البلاد أيا كانت أن تتقي الله في خطابها وفي تعاملها مع الأوضاع والأحداث وأن تتذكر أن دورها هو التصحيح وليس الفضيحة و البناء وليس تتبع العثرات والتعاون وليس الشماتة
وان ما يظنونه من حصول مكاسب من أظهار أخطاء الحاكم وتضخيمها هو في الواقع خسارة على الطرفين وعلى الوطن و المواطن لأنه يزرع اليأس في النفوس و اليأس يدفع إلى الانتحار ويدفع إلى الانتقام يدفع إلى فقدان الأتزان وبالتالي فإننا نصنع من ذلك مشاكل مضاعفه ولو أنهم أخذوا بمبدأ ( الدين النصيحة ) على وجهه لصلح الحال وكتب الله لهم القبول وحصلوا على المكاسب الحقيقية وفي نفس الوقت أنصح الحاكم بنفس النصيحة وأحمله من المسؤلية أكبر مما أحمل المعارضة فليتقي الله الجميع ولا يضحوا بالوطن وأمنه وأستقراره من أجل المكايدات الحزبية والثارات السياسية
الحضور الكريم : من جميع الفئات سلطة ومعارضة ومواطنون إن اليمن مستهدف و قوى الشر تتربص به من كل جانب ، منهم من يبطن أطماعه فيه ومنهم يجاهر بها وها هو المشروع الفارسي الرافضي ماثلٌ للعيان و إن أطماع آيات قم وأحفاد أبي لؤلؤة المجوسي لم تعد خافية على أحد ودعمهم السخي و المستمر للمتمردين ما عاد يخفى على ذي بصيرة و المقصود من ذلك كله هو ترسيخ قدم المشروع الرافضي في المنطقة و الذي ما زال يحن إليه سدنته منذُ أكثر من ألف عام فلا تشغلنا همومنا الخاصة ولا مشاريعنا الجزئية ولا مكايداتنا السياسية عن ذلك فأنه خطر داهم للجميع ومستهدفٌ للجميع وإننا نقف جميع في خندق واحد و على متن سفينة واحد هي سفينة الوطن فمتى سمحنا للقراصنة أن يصعدوا على متنها فأنهم سوف يغرقونها ويغرقوننا معها ولن يفرقوا بين حاكماً ومعارض و لا مواطن فلنصدق في نصحنا بالله و لرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
أسأل الله أن يأخذ بنواصي الجميع لما فيه الخير والصلاح إنه سميع مجيب .
الدعاء .