بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على شرف الخلق والمرسلين , سيدنا محمد .. وعلى أله واصحابه وعلى من أتبع سنته إلى يوم الدين أما بعد !
« إنما بُعثت لأتمم حسن الأخلاق »
رواه الإمام مالك في الوطأ كتاب : حسن الخلق(8)
بهذه
الكلمة الرائعة البليغة ! , حدد رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -
الغاية من بعثته أنه يريد ان يتمم مكارم الأخلاق في نفوس أمته والناس
اجمعين , ويريد للبشرية التعامل بقانون حسن الخلق الذي ليس فوقه قانون ,
وأن ترتفع للمرتبة التي ليس فوقها مرتبة.
فعلى المسلم ان يقتدي بسنه رسولنا الكريم , ان يتحلى بالأخلاق الفاضلة الكريمة , ويحرص على فعل الطاعات , ويتجنب الشرور والآثام .
قال سبحانه وتعالى :-
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا , فَأَلْهَمَهَا فُجُرَوَهَا وَتَقْوَاهَا , قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا , وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }
سورة الشمس الآيات (7-10)
إن التحلي بالأخلاق الحسنة , والبعد عن افعال الشر والآثام يؤديان بالمسلم إلى تحقيق الكثير من الأهداف النبيلة السامية ... فمنها !
سعادة النفس ورضاء الضمير
فالمسلم
يشعر إن فرج عم عسر كربته , وعن تعيس شقاءه , وإن عّوض عن ضعيف عجزه , وعن
مظلوم حقه , إنها منتهى السعادة , بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
إذ قال !
« من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة , ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة »
رواه البخاري في كتاب المظالم , باب (لايظلم المسلم المسلم ولايسلمه)
الأخلاق الفاضلة ترفع من شأن صاحبها
فمن يتحل بالصفات الفاضلة الخيره , يقتد به الآخرون ويكتسب ودهم ومحبتهم , فيقصدونه ويقدرونه لأخلاقه وفضائله .
قال تعالى :-
{ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ }
سورة الملك الآية (22)
تشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع الإسلام
ذلك
أنه إذا كان كل فرد فيه يقوم بواجبه نحو الآخرين ويشعر باهتماهم به , وكان
كل فرد يحب لأخيه مايحب لنفسه , أصبح المجتمع متكاملاً مترابطاً , ليس فيه
صراعات ولانزاعات , وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال :-
« مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا شكى فيه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى »
رواه مسلم في كتاب : البر والصلة والآداب باب (تراحم المؤمنين وتعاطفهم) حديث رقم 4685
الأخلاق الفاضلة طريق النجاح
أي
نجاح أفضل من أن يقوم المسلم بواجبه بإتقان , يؤدي حق الله وحق النفس وحق
الأهل , وأصحاب الحقوق عليه فيكسب ثقة المتعاملين معه ومحبتهم , لأدبه
وحسن سلوكه , وابتعاده عن الإساءة لأي انسان , فإن كان كذلك كان ناجحاً
موفقاً في حياته ..
قال عليه الصلاة والسلام :
« إن من أحبكم
إلى واقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً , وإن من أبغضكم إلى
وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون , والمتشدقون , والمتفيقهون »
رواه الترمذي في كتاب البر : باب (ماجاء في معالي الأخلاق) رقم 71
فمن
واجبنا حال كوننا أن نكون رحماء كرماء متواضعين , وأن نتحلى بالاستقامة
والورع وأن نبتعد عن الصفات الذميمة كالغيبة والنميمة والحسد وفظاظة القول
, وألا نقرب الشرور والآثام كالسرقة والربا وغيرها من المعاصي والذنوب .
حسن الخلق في الإسلام
دائرة حسن الخلق في الإسلام دائرة واسعة تشمل المسلم والغير مسلم !
يقول الله تعالى في كتابه :-
{
لا يَنْهاكٌمٌ اللهُ عَنْ اَلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلٌوكٌمٌ فيِ اَلَّدِينِ
وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِنّ دِيَارِكُم أن تَبَرٌّوهُمْ وَتُقْسِطُوا
إِلَيِهُمْ إِنَ اللهَ يُحِبُّ اَلْمُقْسِطِينَ }
سورة الممتحنة الآية (8)
وتشمل الكبير والصغير والرجال والنساء والعدو والصديق , فالخلق كلهم عباد الله .
هذه هي أخلاق الإسلام التي نفاخر بها العالم أجمع قديمه وحديثه
والأخلاق
الحسنه مفاهيم ثابته لا تتأثر بالتطور , ولاتتغير بتغير الأزمان والأماكن
والأقوام , فالحسن في نظر الشرع يبقى حسناً إلى قيام الساعة , فالتواضع
وصلحة الرحم والرفق بالضعفاء وبر الوالدين , وحب الخير للناس والبعد عن
الحقد والحسد والغش , كل ذلك في حسن الخلق , لا تتأثر ولا تتطور ولا تتغير
بتغير العصور .
عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : سمعت
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : « ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم
مني مجلساً يوم القيامة ؟ فأعادها مرتين أو ثلاثاً , قال القوم : نعم يا
رسول الله قال أحسنكم أخلاقاً »
رواه احمد في مسند المكثرين من الصحابة - حديث رقم 6447
ولقد
سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه يوماً : « أتدرون ما المفلس ؟
قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال إن المفلس من أمتي
يأتي يوم القيامة بصلاه وصيام وزكاه , ويأتي وقد شتم هذا , وقذف هذا ,
وأكل مال هذا , وسفك دم هذا , وضرب هذا , فيعطى هذه من حسناته وهذا من
حسناته , فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم , فطرحت
عليه , ثم طرح في النار »
رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب ( تحريم الظلم ) - حديث رقم 4678
حب الخير وكراهية الشر
قال تعالى :-
{
وَاَلَّذِينَ تَبَوَءُو اْلدَّارَ وَاْلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِم يُحِبُّونَ
مَن هَاجَرَ إِلِيِهمْ وَلاَ يَجِدُونَ فيِ صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّآ
أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
وَمَن يُوقَ شُخَّ نَفْسِهِ , فَأَولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
سورة الحشر الآية (9)
الحب
سر من أسرار الوجود , وحافز قوي للإندفاع نحو الخير , إنه مبعث الإبداع
والعطاء ومن دونه يكون الإهمال والضياع , لذا وجه رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - هذه العاطفة لما فيه صلاح الفرد والمجتمع , وجعل لها ضوابط
تنأى بالإنسان عن الإنحدار في مهاوي الشر والفساد .
فالمسلم يحب
الخير لجميع الناس ويكره الشرور والآثام , يعامل الناس كما يحب ان يعاملوه
, يساعد المحتاجين ويمشي في حاجتهم فإذا كان المحتاج جارا أو قريباً كان
له إضافة لحق الإنسانية حق الجوار وحق القرابة .
والمسلم الذي يحب
الخير للناس يشعر بالسرور الكبير حين تقديم مساعدته للآخرين , وهو كلما
زاد قرباً من الله تعالى ارتفع مؤشر محبته لله وللناس , وأصبح يكره الشر
في نفسه وفي الآخرين حتى ولو كان من يفعل الشر من أقرب الناس إليه
فها هو ابن سيدنا نوح عليه السلام يعصي ربه ويخالف أمر والده , ويؤشك على الغرق , فتتحرك عاطفة الأبوة في نفس نوح فيدعو ربه
{ رَبِّ إِنَّ أبْني مِنْ أَهْلي وَإِنَ وَعْدُكَ اْلْحَقُّ }
سورة هود الآية (45)
فكان جواب الله تعالى عليه
{ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَاِلِح }
سورة هود الآية (47)
فالحب
لا يرتبط بعواطف شخصية , ولا برابطة عصيبة , إنما يرتبط بالقرب والبعد من
الله تعالى . فالحب الصادق هو ما كان خالصاً لوجه الله تعالى , لا لمصلحة
مادية , أو عصيبة جاهلية .
ومن وسائل المؤدية للحب والخير في المجتمع
إفشاء السلام :
قال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « والذي نفسي بيده لاتدخلون الجنة حتى
تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا , أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم
أفشوا السلام بينكم »
رواه مسلم في كتاب الإيمان : باب (بيان أنه لايدخل الجنة إلا المؤمنون) حديث رقم 81
التزوار والتهادي :
عن ماذ بن جبل -رضي الله عنه- قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :
« قال تعالى : وجببت محبتي للمتحابين فيّ والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ والمتاذلين فيّ »
رواه أحمد في مسند الأنصارح رقم 21012
وعن
ابي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- « أن رجلاً زار
أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكاً فلما أتى عليه قال
أين تريد قال : أريد أخاً لي في هذه القرية قال : هل لك عليه من نعمة
تربها قال : لا , غير أني أحببته في الله عز وجل , قال : فإني رسول الله
إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه »
رواه مسلم في كتاب : البر والصلة والآداب باب (فضل الحب في الله) حديث رقم 4656
عيادة المريض :
فعن
أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من
عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك ونبوأت
من الجنة منزلاً »
رواه الترمذي في كتاب البر والصلة باب ( ماجاء في زيارة الأخوان)
ومما يساعد على تقوية رابطة المحبة أن تعلم أخاك بحبك له ,
فعن
المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «
إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه » وعلى أخيه أن يجيبه بقوله « أحبك
الذي أحببتني له »
رواه أبو داوود في كتاب (الأدب) باب (إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه) حديث رقم 4459
أن نحب للمسلم مانحب لأنفسنا ونكره له ما نكره لها , وأن نساعده حين الحاجة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه »
رواه البخاري في كتاب (الإيمان) باب (من الإيمان أن يحب لأخيه) حديث رقم 12
تجنب إيذاء الأخرين والإساءة إليهم
عن
أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «
لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع
بعض وكونوا عباد الله أخوانا , المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا
يحقره , التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب أمرئ من الشر أن
يحقر أخاه المسلم , كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه »
رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب (تحريم الظن والتجسس والتنافس) حديث رقم 4650
فعلى المسلم ان يسعى دائماً لفعل الخير ومساعدة الآخرين , وأن يجتنب كل الأفعل المؤدية لتفكك المجتمع وتدهوره .
ملاحظة : كتبت هذه الموضوع للإفادة ^___^
وأتمنى أنكم استفدتوا =)
في حفظ الله ورعايته
والصلاة والسلام على شرف الخلق والمرسلين , سيدنا محمد .. وعلى أله واصحابه وعلى من أتبع سنته إلى يوم الدين أما بعد !
« إنما بُعثت لأتمم حسن الأخلاق »
رواه الإمام مالك في الوطأ كتاب : حسن الخلق(8)
بهذه
الكلمة الرائعة البليغة ! , حدد رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -
الغاية من بعثته أنه يريد ان يتمم مكارم الأخلاق في نفوس أمته والناس
اجمعين , ويريد للبشرية التعامل بقانون حسن الخلق الذي ليس فوقه قانون ,
وأن ترتفع للمرتبة التي ليس فوقها مرتبة.
فعلى المسلم ان يقتدي بسنه رسولنا الكريم , ان يتحلى بالأخلاق الفاضلة الكريمة , ويحرص على فعل الطاعات , ويتجنب الشرور والآثام .
قال سبحانه وتعالى :-
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا , فَأَلْهَمَهَا فُجُرَوَهَا وَتَقْوَاهَا , قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا , وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }
سورة الشمس الآيات (7-10)
إن التحلي بالأخلاق الحسنة , والبعد عن افعال الشر والآثام يؤديان بالمسلم إلى تحقيق الكثير من الأهداف النبيلة السامية ... فمنها !
سعادة النفس ورضاء الضمير
فالمسلم
يشعر إن فرج عم عسر كربته , وعن تعيس شقاءه , وإن عّوض عن ضعيف عجزه , وعن
مظلوم حقه , إنها منتهى السعادة , بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
إذ قال !
« من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة , ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة »
رواه البخاري في كتاب المظالم , باب (لايظلم المسلم المسلم ولايسلمه)
الأخلاق الفاضلة ترفع من شأن صاحبها
فمن يتحل بالصفات الفاضلة الخيره , يقتد به الآخرون ويكتسب ودهم ومحبتهم , فيقصدونه ويقدرونه لأخلاقه وفضائله .
قال تعالى :-
{ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ }
سورة الملك الآية (22)
تشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع الإسلام
ذلك
أنه إذا كان كل فرد فيه يقوم بواجبه نحو الآخرين ويشعر باهتماهم به , وكان
كل فرد يحب لأخيه مايحب لنفسه , أصبح المجتمع متكاملاً مترابطاً , ليس فيه
صراعات ولانزاعات , وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال :-
« مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا شكى فيه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى »
رواه مسلم في كتاب : البر والصلة والآداب باب (تراحم المؤمنين وتعاطفهم) حديث رقم 4685
الأخلاق الفاضلة طريق النجاح
أي
نجاح أفضل من أن يقوم المسلم بواجبه بإتقان , يؤدي حق الله وحق النفس وحق
الأهل , وأصحاب الحقوق عليه فيكسب ثقة المتعاملين معه ومحبتهم , لأدبه
وحسن سلوكه , وابتعاده عن الإساءة لأي انسان , فإن كان كذلك كان ناجحاً
موفقاً في حياته ..
قال عليه الصلاة والسلام :
« إن من أحبكم
إلى واقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً , وإن من أبغضكم إلى
وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون , والمتشدقون , والمتفيقهون »
رواه الترمذي في كتاب البر : باب (ماجاء في معالي الأخلاق) رقم 71
فمن
واجبنا حال كوننا أن نكون رحماء كرماء متواضعين , وأن نتحلى بالاستقامة
والورع وأن نبتعد عن الصفات الذميمة كالغيبة والنميمة والحسد وفظاظة القول
, وألا نقرب الشرور والآثام كالسرقة والربا وغيرها من المعاصي والذنوب .
حسن الخلق في الإسلام
دائرة حسن الخلق في الإسلام دائرة واسعة تشمل المسلم والغير مسلم !
يقول الله تعالى في كتابه :-
{
لا يَنْهاكٌمٌ اللهُ عَنْ اَلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلٌوكٌمٌ فيِ اَلَّدِينِ
وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِنّ دِيَارِكُم أن تَبَرٌّوهُمْ وَتُقْسِطُوا
إِلَيِهُمْ إِنَ اللهَ يُحِبُّ اَلْمُقْسِطِينَ }
سورة الممتحنة الآية (8)
وتشمل الكبير والصغير والرجال والنساء والعدو والصديق , فالخلق كلهم عباد الله .
هذه هي أخلاق الإسلام التي نفاخر بها العالم أجمع قديمه وحديثه
والأخلاق
الحسنه مفاهيم ثابته لا تتأثر بالتطور , ولاتتغير بتغير الأزمان والأماكن
والأقوام , فالحسن في نظر الشرع يبقى حسناً إلى قيام الساعة , فالتواضع
وصلحة الرحم والرفق بالضعفاء وبر الوالدين , وحب الخير للناس والبعد عن
الحقد والحسد والغش , كل ذلك في حسن الخلق , لا تتأثر ولا تتطور ولا تتغير
بتغير العصور .
عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : سمعت
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : « ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم
مني مجلساً يوم القيامة ؟ فأعادها مرتين أو ثلاثاً , قال القوم : نعم يا
رسول الله قال أحسنكم أخلاقاً »
رواه احمد في مسند المكثرين من الصحابة - حديث رقم 6447
ولقد
سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه يوماً : « أتدرون ما المفلس ؟
قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال إن المفلس من أمتي
يأتي يوم القيامة بصلاه وصيام وزكاه , ويأتي وقد شتم هذا , وقذف هذا ,
وأكل مال هذا , وسفك دم هذا , وضرب هذا , فيعطى هذه من حسناته وهذا من
حسناته , فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم , فطرحت
عليه , ثم طرح في النار »
رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب ( تحريم الظلم ) - حديث رقم 4678
حب الخير وكراهية الشر
قال تعالى :-
{
وَاَلَّذِينَ تَبَوَءُو اْلدَّارَ وَاْلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِم يُحِبُّونَ
مَن هَاجَرَ إِلِيِهمْ وَلاَ يَجِدُونَ فيِ صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّآ
أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
وَمَن يُوقَ شُخَّ نَفْسِهِ , فَأَولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
سورة الحشر الآية (9)
الحب
سر من أسرار الوجود , وحافز قوي للإندفاع نحو الخير , إنه مبعث الإبداع
والعطاء ومن دونه يكون الإهمال والضياع , لذا وجه رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - هذه العاطفة لما فيه صلاح الفرد والمجتمع , وجعل لها ضوابط
تنأى بالإنسان عن الإنحدار في مهاوي الشر والفساد .
فالمسلم يحب
الخير لجميع الناس ويكره الشرور والآثام , يعامل الناس كما يحب ان يعاملوه
, يساعد المحتاجين ويمشي في حاجتهم فإذا كان المحتاج جارا أو قريباً كان
له إضافة لحق الإنسانية حق الجوار وحق القرابة .
والمسلم الذي يحب
الخير للناس يشعر بالسرور الكبير حين تقديم مساعدته للآخرين , وهو كلما
زاد قرباً من الله تعالى ارتفع مؤشر محبته لله وللناس , وأصبح يكره الشر
في نفسه وفي الآخرين حتى ولو كان من يفعل الشر من أقرب الناس إليه
فها هو ابن سيدنا نوح عليه السلام يعصي ربه ويخالف أمر والده , ويؤشك على الغرق , فتتحرك عاطفة الأبوة في نفس نوح فيدعو ربه
{ رَبِّ إِنَّ أبْني مِنْ أَهْلي وَإِنَ وَعْدُكَ اْلْحَقُّ }
سورة هود الآية (45)
فكان جواب الله تعالى عليه
{ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَاِلِح }
سورة هود الآية (47)
فالحب
لا يرتبط بعواطف شخصية , ولا برابطة عصيبة , إنما يرتبط بالقرب والبعد من
الله تعالى . فالحب الصادق هو ما كان خالصاً لوجه الله تعالى , لا لمصلحة
مادية , أو عصيبة جاهلية .
ومن وسائل المؤدية للحب والخير في المجتمع
إفشاء السلام :
قال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « والذي نفسي بيده لاتدخلون الجنة حتى
تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا , أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم
أفشوا السلام بينكم »
رواه مسلم في كتاب الإيمان : باب (بيان أنه لايدخل الجنة إلا المؤمنون) حديث رقم 81
التزوار والتهادي :
عن ماذ بن جبل -رضي الله عنه- قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :
« قال تعالى : وجببت محبتي للمتحابين فيّ والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ والمتاذلين فيّ »
رواه أحمد في مسند الأنصارح رقم 21012
وعن
ابي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- « أن رجلاً زار
أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكاً فلما أتى عليه قال
أين تريد قال : أريد أخاً لي في هذه القرية قال : هل لك عليه من نعمة
تربها قال : لا , غير أني أحببته في الله عز وجل , قال : فإني رسول الله
إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه »
رواه مسلم في كتاب : البر والصلة والآداب باب (فضل الحب في الله) حديث رقم 4656
عيادة المريض :
فعن
أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من
عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك ونبوأت
من الجنة منزلاً »
رواه الترمذي في كتاب البر والصلة باب ( ماجاء في زيارة الأخوان)
ومما يساعد على تقوية رابطة المحبة أن تعلم أخاك بحبك له ,
فعن
المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «
إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه » وعلى أخيه أن يجيبه بقوله « أحبك
الذي أحببتني له »
رواه أبو داوود في كتاب (الأدب) باب (إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه) حديث رقم 4459
أن نحب للمسلم مانحب لأنفسنا ونكره له ما نكره لها , وأن نساعده حين الحاجة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه »
رواه البخاري في كتاب (الإيمان) باب (من الإيمان أن يحب لأخيه) حديث رقم 12
تجنب إيذاء الأخرين والإساءة إليهم
عن
أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «
لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع
بعض وكونوا عباد الله أخوانا , المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا
يحقره , التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب أمرئ من الشر أن
يحقر أخاه المسلم , كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه »
رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب (تحريم الظن والتجسس والتنافس) حديث رقم 4650
فعلى المسلم ان يسعى دائماً لفعل الخير ومساعدة الآخرين , وأن يجتنب كل الأفعل المؤدية لتفكك المجتمع وتدهوره .
ملاحظة : كتبت هذه الموضوع للإفادة ^___^
وأتمنى أنكم استفدتوا =)
في حفظ الله ورعايته